السبت، سبتمبر 22، 2007

إضراب الصمود..دفاعًا عن آخر مربّع للحرّية في بلادنا..وعن أحلامنا المشروعة

إضراب الصمود دفاعًا عن آخر مربّع للحرّية في بلادنا.. وعن أحلامنا المشروعة






للأسف، مرّة اخرى يجبرنا نظامنا البطل على ان نعرّض حياة أفضلنا الى الخطر.. ومن أجل ماذا؟

من أجل الحفاظ على مجرّد 80 متر مربّع هي مساحة المقرّ المركزي للحزب الديمقراطي التقدّمي، الكائن ب10، نهج آف نوهال (وراء مقرّ ولاية تونس ووراء "معهد كارنو الثانوي")بوسط العاصمة.

مرّة اخرى يثبت هذا النظام أنّه لا يُصلِح ولا يَصلُح ولا يُصلَح كما يقول الدكتور منصف المرزوقي. مرّة اخرى يثبت هذا النظام أنّه "أوهن من بيت العنكبوت" فهاهو يخاف من حزب قانوني "صغير" و"لا يمثّل سوى أصحابه" على حدّ تعبير بوبكر الصغيّر وبقيّة اعضاء الجوقة الإعلامية البائسة الذين سيطلّون علينا تباعًا في الأيّام المقبلة على وسائل الإعلام، كي يحاولوا كعادتهم استغباء التونسيين والتونسيات و"تدغيفهم" بالحديث عن الجنّة الديمقراطية الغنّاء التي ننعم بها وعن دولة القانون والمؤسّسات وانّ المسألة لا تعدو ان تكون ماذا؟ ..مجرّد نزاع عقاري بين مالك ومتسوّغ...

لكن كلّ من يعرف حقيقة الوضع في بلادنا العزيزة المسكينة، ولا يدمن على قراءة الجرائد التونسية "بودورو" _كما أسمتها مجموعة من المدوّنين التونسيين يالشباب _ يعلم انّه من باب شبه المستحيلات السبعة ان يتمكّن حزب سياسي معارض حقيقي، ولو كان قانونيًا ومُعترفا به، العثور على مواطن، أو مواطنة، يصمد أمام الضغوط الهائلة للسلطة ويؤجّر محلآً على ملكه لهذا الحزب أو تلك الجمعية المغضوب عليها . فحالما يصل خبر نيّة المالك تأجير محلّه حتّى تنزل الدولة بكلّ "كلاكلها" على رأس هذا المواطن المسكين وتبدأ التهديدات من العمدة الى رئيس لجنة تنسيق حزب السلطة (الذي صار جزءً لا يتجزّأ من الدولة في بلادنا) الى المعتمد، وصولاً الى الوالي. حقيقةً، يتجنّد الجميع في مظهر رائع من الإلتزام والتكاتف والتنسيق الدؤوب المتواصل من أجل ماذا؟.. من أجل منع حزب معارضة قانوني من أن يفتح مقرًا في مدينة بوسالم في ولاية جندوبة أو فرعًا في منطقة المزّونة في ولاية سيدي بوزيد...

ولدولتنا العتيدة "طرائف" مضحكة مبكية مخجلة في هذا الباب، فحدّث ولا حرج عن المالك الذي هُدّد بسلاح الرقابة الجبائية (في جندوبة) والآخر الذي مُنِع من النقلة (في نفطة) في إطار مهنته الى العاصمة عقابًا له على فعلته الشنيعة ..أو عن آخر "طرفة" : إدّعاء انّ مالك مقرّ الحزب بمدنين هو شخص غير مميّز: اي أنّه لم يكن في كامل مداركه العقليّة عند إمضاء العقد..وغيرها كثير من الطرائف والحكايات التي تنمّ حقيقة عن إبداع وإبتكار منقطعيْ النظير عندما يتعلّق الأمر بماذا؟.. بفسخ عقد كراء لحزب معارض قانوني...

وبعيدًا عن التفاصيل المملّة والمخجلة الى حدّ الغثيان لألاعيب السلطة ووسائلها في محاصرة الحزب الديمقراطي وغيره من الأحزاب المعارضة الحقيقيّة والتي تستّحق كتبًا وبحوث ماجيستير لتدوينها وتركها للأجيال القادمة حتّى تعرف مدى الظلم والظلام الذي كانت ترزح تحتهما بلادها. بعيدًا عن كلّ ذلك، تدفع هذه التطوّرات الكارثية الى ان يتسائل المرء بكلّ حيرة وألم : الى اين تتجّه بلادنا؟

الى اين يأخذ السيّد بن علي ومن معه تونس؟ ، هل يعتقدون حقًا أنّ الحديث من فترة الى أخرى عن مشاريع استثماريّة ضخمة كمشروع البحيرة الأخير كفيل بأن يجعل من تونس دولة حديثة ومتقدّمة؟ حقيقة أتسائل أحيانًا بكلّ صدق، هل يعتقد ذلك حقًا؟ هل هو على إدراك بخطورة الوضع الذي عليه البلاد؟
الى جانب التقارير الأمنية، أتسائل ان كانت تصله تقارير دقيقة من أناس يفهمون في علم الإجتماع وفي الثقافة يشرحون له فيها مدى الخور والضياع الذي يكتسح مجتمعنا؟

هل انّ "الفريق" الحاكم على وعي بمدى خطورة التطرّف المنتشر بشكل مريع بين شبابنا ؟ تطرّف بمختلف أنواعه : الديني الذي سمعنا لعلعة الرصاص المنبعث منه على سفوح جبال سليمان وبوقرنين في أواخر العام الماضي والذي نراه يوميًا على مواقع الحوار والمدوّنات التونسيّة وفي الطريق العام؟ هل يعتقد حقًا أنّه أنقذنا من التطرّف الإسلامي عندما نكلّ شرّ تنكيل بمنتسبي حركة النهضة، فأتى عوضهم منتسبون للقاعدة وأخواتها؟
أو من التطرّف الإجتماعي المتفاقم والبيّن في استشراء الإنحراف والجريمة والمخدّرات أكثر فأكثر كلّ يوم؟...، أو ربّما من التطرّف اللاثقافي_ان صحّت العبارة_الواضح من خلال تفسّخ شبابنا وضياعهم الهويّاتي بين شرق متخلّف وغرب مبهر؟...

هل يرى الفريق الحاكم مدى حجم الدمار الشامل الذي يعتري ثقافة شعبنا، الذي صار لا يعرف حتّى الحديث بلغته الأمّ، لا فصحى ولا دارجة، دون الحديث عن اللغات الأجنبية ، التي لا يتتقنها الاّ قلّة من المحظوظين؟
هل يرضى الفريق الحاكم بأن يتدهور مستوى التعليم الى هذه المستويات المفزعة؟
هل يرضى بأن يفقد التونسيون جودة التعليم، ثروتهم الوحيدة والإنجاز الأكبر ، وربّما الأوحد، لبورقيبة..الذي صار التونسيون يترحّمون على روحه صباح مساء ويتمنّون عودة عهده رغم ماعانوه في ظلّه من ظلم واستبداد؟


هل يرضى حكّامنا الكرام ان يصير شبابنا مجرّد قطيع تائه تتنازعه الغرائز والعصبيّات ولا يجد سبيلاً للتعبير عن نفسه غير العنف في مدارج ملاعب كرة القدم، أو الدهس تحت أقدام المعجبين بالدمى الإعلامية لبرنامج "ستار آكاديمي"؟ فيما لم يجد آخرون من سبيل لإشباع حاجتهم الطبيعية للإنتماء سوى الإنضمام الى عبدة الشيطان؟، مع إحترامي لعبدة الشيطان وحتّى لعبدة العجلات المطّاطية ...
وكيف لا يفعل ذلك ونظامنا الذي يراهن عليه من أجل "تونس الإمتياز" لا يسمح له سوى بالإنتماء الى رفاق البؤس في المقهى أو الملعب أو المسجد...وفي أفضل الأحوال ان يصير متابعًا وفيًا غبيًا لبرامج بوبكر على "موزاريق" أو برنامج سويعة كورة على قناة حنّبعل؟

هل يعلم هذا النظام الغبّي الذي يحكمنا بالحديد والنّار منذ عشرين عامًا الى أيّ مدى فقد شبابنا أدنى إحساس بالإنتماء الى وطنه والى أمّته؟ وانّ الوطنية صارت مختزلة لديه في منتخب كرة القدم؟ فنادرًا ماتجد شابًا، أو شابّة، معتزًا بثقافة بلاده ولغتها وبحاضرها أو مطلّعًا على تاريخها أومتفائلاً بمستقبلها؟ فليجرّب هذا النظام الخبير بتزوير الإنتخابات والإستفتاءات ان يستفتي الشباب التونسي حول ما إذا كان يفضّل البقاء في بلاده أو الهجرة الى خارجها وسيرى انّه لن يحتاج الى تزوير لتخرج النتائج بكلّ شفافية: 99 بالمائة يفضّلون "ان يهجّوا من هذه البلاد ال..."


هل يعلم هذا النظام الى أيّ مدى خرّب بلادنا وجعل منها مثالاً بشعًا لغياب الكرامة وتدهور حال الثقافة وضياع الشعور بالفخر والإعتزاز لدى مواطنيها، لا سيما الشباب منهم...؟، فليستمع على الأقلّ الى نصائح برهان بسيّس مثلاً، الذي بغضّ النظر عن بؤس دوره المدافع عن أرباب نعمته الجدد، يبدو واعيًا من خلال بعض كتاباته، بمدى الدمار الشامل الذي ألحقه نظام السيّد بن علي بهذه الأرض وبأبنائها...

ماذا يريد منّا هذا النظام المتخلّف؟ هل يريدنا ان ننزل الى مستوى تخلّفه؟ ان نصير "بانديّة" وقطّاع طرق؟ ماذا يريد منّا بالضبط؟ هل يريدنا ان نصيير إرهابيين وان نحشو أجسادنا بالديناميت ونفجّر أنفسنا ؟

للأسف نحن غير قادرون، وان أردنا، ان نصير كذلك ولن نسمح له أبدًا بان ينتصر علينا حقًا ويحوّلنا الى ذلك ، مجرمون وحثالة كالذين يعتمد عليهم لحرق المكاتب وتعذيب النّاس والإعتداء عليهم وإرهاب الأمّهات وقطع الأرزاق...

أخيرًا، ومن أعماق الغضب والألم، أريد ان أقول لنظامنا الذي كاد ان يصير حميمًا لكثرة تعوّدنا عليه، أقول له انّنا مستعدّون للتضحية بالغالي والنفيس من أجل ان تتحرّر بلادنا من ظلمكم واستبدادكم وفسادكم، أنّنا مستعدّون للتضحية بحياتنا وبكلّ مانملك من أجل إصلاح الخراب الذي تسبّبتم فيه. لا تتوهّموا للحظة أنّكم قادرون على كسر إرادتنا أو على إجهاض أحلامنا المشروعة.. وقد جرّبتكم ذلك مرارًا وتكرارًا وفشلتم..وستفشلون دومًا.


نحن هاهنا قاعدون في بلادنا، و ان كان بعضنا خارجها الى حين، وسندافع عن حياضها وعن حرّيتها وحرّيتنا وعن مستقبلها ومستقبلنا ومستقبل ابنائنا..أمّا أنتم فإلى مزبلة التاريخ لا محالة ولارجعة...


تحيّة الإكبار والتقدير الى ميّة الجريبي وأحمد نجيب الشابّي والى كلّ المناضلات والمناضلين القابضين على الجمر في "تونسنا الشهيدة" على قول عبد العزيز الثعالبي، فما أشبه البارحة باليوم. انّنا على العهد معكم الى نحرّر بلادنا من ضيم الطغاة وفسادهم وخاصّة من جهلهم.

غسّان بن خليفة



3 Comments:

Blogger resiros said...

صدّقني الدمعة بش تهبط

الأحد, سبتمبر 23, 2007 4:49:00 ص  
Blogger الكاتب said...

مرحبا بيك،

شيّ يبكذي حتّى هو..أنا قلبي يبكي على تونس موش كان عينيّ


أمّا تهنّى..اذا الشعب يومًا اراد الحية فلا بدّ ان يستجيب القدر

اليوم يمكن موش الشعب بكلّه يريد الحياة..لكن المهمّ أنّه ثمّة تونسيين وتونسيات يريدون الحياة وسيقودون هذا الشعب نحوها ونحو ضوء الصباح الساطع الذي سيهدّ صروح الطغيان والظلم والجهل


تحيى تونس الحرّة ..وان شاء الله منتصرين

الأحد, سبتمبر 23, 2007 11:35:00 م  
Anonymous غير معرف said...

je suis obligé de commenter en anonyme.
khouya je lu ton blog depuis longtemps,et réellement ce post ne me fait que déprimer encore plus: je suis un jeune comme toi,je ne me sent pas tunisien,je me sent sans origine à tel points j'ai honte de l'état de mon pays que j'ai quitté car je ne peut pas l'aider par le peu que je sais... khsaretha touness

الاثنين, سبتمبر 24, 2007 8:38:00 م  

إرسال تعليق

<< Home