سنتين على رحيل زهير "التونسي"..والمسيرة تستمرّ
يوم 13 مارس 2005 ، الثالثة صباحًا أتلقّى مايل من زهيّر..التاسعة صباحًا يفارق الحياة...
يومها عاهدت نفسي وعاهدت عمّة القاضي الفاضل مختار اليحياوي انّ حياته وتضحياته لن تذهب هدرًا..وها انّني نسيت ان أكتب عنه شيئًا في ذكرى وفاته الثانية..على الرغم من انّي تذكّرت ذلك قبل أسبوع..ثمّ أخذتني الدنيا كغيري من التائهين..يا لخجلي
ولو انّي تأخّرت يومين لأحيّي روحك التي تنظر الينا ولاشكّ من السماء بإبتسامتك الوديعة التي يعرفها كلّ من عاشرك أو قابلك ولو مرّة واحدة كما هو حالي..فإنّي أحمد الله جزيل الحمد لأنّه أسعفني بهذه الكلمات المتأخّرة..لأطّهر بها نفسي من خطيئتها...
ليس لدي الكثير من الكلام لأقوله لك يا زهيّر...
لللأسف لم يمهلنا القدر كثيرًا من الوقت كي نصبح أصدقاء..وربّما كان ذلك غير ممكنًا... لم تكن زعيمًا مبهرا، لم تكن خطيبًا مفوّهًا أو مفكّرًا لا معًا..كنت فقط شخصًا بسيطًا عاديًأ قرّر ان يحيا حرًا وبكرامة..وهو ما زاد من إعجابي بك..وجعلني أكنّ لك كلّ الإحترام والتقدير..لأنّك كنت وستبقى الى الأبد رمزًا...
تحيّة الى روحك الطاهرة..عهدًا لن نكلّ ولن نملّ قبل ان ينجلي ليلنا..وينكسر قيدنا
الأحزاب الديمقراطية تنعى زهير اليحياوي
تنعى الأحزاب الديمقراطية، التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الحزب الديمقراطي التقدمي، حزب العمال الشيوعي التونسي، المناضل الشاب زهير اليحياوي الذي اختطفه المنون يوم أمس الأحد 13 مارس 2005 إثر نوبة قلبية.
إن الحركة الديمقراطية تفقد بوفاته مناضلا من مناضليها وهو في عز العطاء.
كان الفقيد مولعا بالإبحار عبر شبكة الأنترنيت. وقد جعل منها منبرا للتعبير عن همومه وإبداء الرأي في قضايا شعبه وبلاده، فكان ذلك سببا في دخوله السجن في ربيع 2002. وقد كان أول "أنترنوت" يُعتقل ويعذب ويُحاكم محاكمة جائرة. وقد ساهم اعتقاله في كشف مظهر آخر من مظاهر الاستبداد في مجال حاول نظام الحكم أن يجعل منه مفخرة لنفسه. لقد فضح اعتقال زهير اليحياوي هذه الكذبة وعرّى الرقابة المنهجية التي تمارس على كافة وسائل الإعلام والتعبير.
ومن المعلوم أن اعتقال زهير أثار موجة من الاستنكار داخل تونس وخارجها وفتح عيونا كثيرة في الداخل والخارج على معاناة شباب تونس الطامح إلى الحرية والديمقراطية. عانى الفقيد خلال حبسه لمدة عشرين شهرا ويلات ظروف الاعتقال اللاإنسانية في السجون التونسية. وقد واجه التنكيل الذي سلطه عليه جلاّدوه بشجاعة وجرأة كبيرتين. فشن العديد من إضرابات الجوع احتجاجا على الإهانة وسوء المعاملة وروح الانتقام. وقد خلّف له ذلك كله أضرارا بدنية كبيرة لا نشك في كونها من العوامل التي عجلت بوفاته في سنه هذا وبعد عام ونيْف فقط من إطلاق سراحه تحت ضغط القوى الديمقراطية.
ولم تنته معاناة زهير بخروجه من السجن. فقد غادر السجن الصغير ليواجه السجن الكبير: المراقبة التي لا تنتهي والحرمان من الشغل ناهيك أنه حُرم حتى من بعث مشروع صغير بإمكانياته الخاصة وفي مجال هوايته: الأنترنيت. وقد واجه الفقيد معاناته الجديدة بنفس الشجاعة والجرأة اللتين واجه بهما سجنه، فلم تُثنه سياسة الحصار والتجويع والهرسلة اليومية على مواصلة الاحتجاج مسخّرا قلمه للدفاع عن الحرية والديمقراطية. وقد كان يُسرّ إلى والدته الحائرة على مصيره والخائفة عليه من بطش الجلاد:" لن أحيد عن طريق النضال طالما يوجد مظلومون في تونس".
كان الفقيد دافئا، محبوبا من الجميع، يخيّر الفعل على الثرثرة. وقد كان هدوءه الظاهر يخفي تأجّجا داخليا سرعان ما تفضحه كتاباته ومواقفه الصارمة كلما تعلق الأمر بكشف مظاهر الظلم والعسف.
إن الأحزاب الديمقراطية المذكورة أعلاه إذ تنعى الفقيد وتتوجه بالعزاء لكافة أفراد أسرته وأصدقائه وأحبابه الكثيرين في تونس وفي الخارج، تقترح، إكراما لهذا المناضل الشاب الذي تجاوز صيته حدود البلاد وأصبح رمزا لكل المبحرين في عالم الأنترنيت بحثا عن مساحة حرية، تقترح جعل يوم 13 مارس تاريخ وفاة الفقيد ذكرى سنوية أو يوما وطنيا "للأنترنوت" للمطالبة بحرية الإبحار في شبكة الأنترنيت في إطار المطالبة بحرية التعبير بشكل عام والتضامن مع كل المضطهدين من أجل ممارستهم لهذه الحرية على غرار شبان جرجيس الذين عذبوا وصدرت ضدهم أحكام جائرة بـ13 سنة سجنا.
رحلتَ أيها العزيز لكنك ستظل حيا في قلوبنا وعقولنا.
(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 15 مارس 2005)
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home